عائلة فرحة تلاحقها «القاعدة» باعتبارها شيعية وتنتقم منها الميليشيات باعتبارها سنية

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
06/02/2008 06:00 AM
GMT



اسمها فرحة النايل . أنجبت 13 ولداً و3 بنات . أبناءها سنة وشيعة، فقدت بعضهم خلال السنوات الماضية، والبعض ممن بقي منهم تحلقوا حول سريرها في المستشفى، حيث تقضي أيامها الأخيرة. راحوا جميعا يؤدون صلاة موحدة ويثيرون تساؤلات الأطباء والمرضى. فرحة متحدرة من ريف جنوب بغداد، حيث تمتد منطقة شاسعة تتداخل فيها العشائر وتتوزع مذهبياً، وتنتشر مصطلحات مثل «شيعة المنطقة» أو «سنة الحي» التي يطلقها السكان الأصليون على العائلات الوافدة.

 
لكن هاتين الصفتين غير متوفرتين في عائلتها. فالزوج الذي عاش في بغداد معظم حياته لم يكن محسوبا، حتى وفاته، على مذهب معين، على الرغم من انه أوصى بدفنه في مقبرة النجف. وأورث عائلته سمة عدم الاكتراث المذهبي، حتى وجدت العائلة نفسها مع تصاعد الحرب المذهبية، في حيرة من أمرها. يقول حسين، الابن الاكبر (49 عاما) إن كل واحد من أبناء العائلة «اتخذ مع تصاعد الفوضى الطائفية بعد الاحتلال اتجاهاً مذهبياً يتماشى مع الاتجاه السائد في الحي الذي يسكنه، فأصبح سامر سنياً في حي الدورة، وغدا ياسين شيعياً في حي الشرطة الشيعي». محنة عائلة فرحة تضاعفت بعد تفجير مرقد العسكريين في سامراء عام 2006، فقد قتل مسلحون اثنين من أبنائها بسبب الانتماء المذهبي. وبدأت الاتهامات تحاصر العائلة من كل اتجاه لحسم موقفها المذهبي. تقول فرحة من على فراش الموت، انها كانت تقلق على أبنائها السنة من بطش الميليشيات وعلى الشيعة منهم من انتقام «القاعدة». لكن المحظور وقع حين وجد الجميع أنفسهم أمام تهمة «تزوير المذهب»، وهجر معظم الابناء مناطقهم بعد اكتشاف عدم وضوح أصولهم المذهبية لدى الميليشيات السنية والشيعية. يقول يوسف، وهو الثامن بين الابناء، انه سكن في حي الشعب ذي الغالبية الشيعية شرق بغداد قرب عائلة زوجته، وعلق صور المراجع الشيعية في منزله، وانخرط في ممارسة الطقوس خلال أيام عاشوراء، لكن مكتب «الشهيد» في المنطقة دقق في أصوله فوجد ان بين إخوته سنة يعيشون في منطقة ابو غريب السنية، فقرر تهجيره. الاخ الرابع عدنان، تعايش مع دعوات التطرف المذهبي التي اجتاحت حي ابو غريب خلال السنوات الماضية، لكنه لم يسلم هو الآخر من تدقيق عناصر «القاعدة» في مذهبه، وعندما اكتشفوا انهم قتلوا شقيقه سالم في حي البلديات شرق بغداد لأنه شيعي، هجروه. وشهدت مرحلة ما بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 فصلا مذهبياً واسعاً أدى الى تقسيم معظم مناطق بغداد الى أحياء سنية، معظمها في جانب الكرخ من العاصمة، واحياء شيعية في جانب الرصافة. وعائلة فرحة تنقسم الى اربعة أبناء شيعة، وخمسة سنة، ونجا اثنان من هذه المحنة بمقتلهما خلال الحرب العراقية - الايرانية، وسقط اثنان آخران خلال شهر واحد عام 2006 مع اثنين من أزواج اخواتهم. ويبلغ مجموع الاحفاد نحو 35 توزعوا مذهبياً بتوزع آبائهم وأمهاتهم. محنة عائلة فرحة ما زالت مستمرة حتى اليوم. والأبناء والأحفاد يستغلون فرصة وجود الام في المستشفى لرؤية بعضهم بعضاً بعد ان حرمهم الانتماء المناطقي من التواصل.